29/12/2009

قبل انعقاد المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل: هل تصدق حسابات البيروقراطية؟

قبل انعقاد المجلس الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل: هل تصدق حسابات البيروقراطية؟

أقدمت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل مباشرة بعد مؤتمر المنستير على تصفية حساباتها مع من تولوا إزعاجها خلال المؤتمر وحالوا دون تمكينها من تمرير مسألة الهيكلة ومن ثم الالتفاف على الفصل العاشر بتسقيف تحمل المسئولية النقابية بفترتين متتاليتين على أقصى تقدير. ففبركت الملفات لبعض الكتاب العامين للاتحادات الجهوية واستعملتها في حرمانهم من تحمل المسئولية النقابية (مثلما حصل مع الإخوة عبد الرزاق البجاوي والتواتي وغنام ) وألقت بثقلها لتصعيد بعض الوجوه الموالية في اتحادات أخرى ( أشار المسئول عن النظام الداخلي في حديثه مؤخرا لجريدة الصباح بأنها بلغت العشرة تشكيلات الجديدة.) كما وقع تجميد عديد الرفاق في مختلف القطاعات النقابية استعدادا لتغيير موازين القوى في هذه القطاعات وتصعيد بعض الموالين (قطاعي التعليم الأساسي والثانوي رغم أن الخطة قد فشلت في التعليم الأساسي). وتعتقد البيروقراطية النقابية تبعا لذلك أنها قد حسنت حظوظها في توفير الظروف المناسبة للانقلاب على الفصل العاشر وإقرار الاستمرارية في تحمل المسئولية النقابية في المكتب التنفيذي الوطني دون سقف محدد ولا أي ضابط آخر. لكن البيروقراطية لم تحسب على ما يبدو حساب تآكل مصداقيتها جراء مثل هذه الممارسات وانفضاح أمرها لدى جزء هام من الإطارات النقابية التي كانت تعتقد في "نزاهة" بعض رموز هذه القيادة نظرا لما استعملته من شعارات مضللة ( التصحيح النقابي) وما اتخذته من مواقف تناغمت إلى حد ما مع تطلعات القواعد في تحصين استقلالية المنظمة النقابية ( الموقف من مجلس المستشارين ومن زيارة شارون) ونظرا كذلك لما اتصف به سلوك بعض أعضاء القيادة النقابية من مسايرة لفكرة المنتدى الاجتماعي ومن تعاطف ولو محتشم ومتأخر مع أحداث الحوض المنجمي . فالمسئول الحالي عن النظام الداخلي قد استثمر فكرة "التصحيح النقابي" وجاب البلاد شرقا وغربا و استعطف النقابيين لمؤازرته وإنصافه ضد من تولوا إقصاءه في مؤتمر الكرم من الاتحاد باعتماد التزوير السافر وقد نجح بالفعل في مؤتمر جربة في أن حشد وراءه أغلبية النقابيين بما جعله يفوز في المرتبة الثانية. لكن أداءه أثناء تحمله للمسئولية قد خيب أمل العديد ممن وقفوا إلى جانبه. فجاءت نتائج مؤتمر المنستير لتؤكد بشكل واضح تراجع مصداقيته وفقدانه للكثير من الأصوات التي حصدها قبل 5سنوات. أما المجموعة التي صعدت في المؤتمر الأخير (نقصد العباسي والجندوبي والعياري ) على أساس أنها داعمة للتوجه القاعدي ومتمسكة باستقلالية المنظمة فقد تراجعت مواقفها هي الأخرى في أول الامتحانات حيث عجزت عن مواصلة التباين مع من عرفوا تقليديا بأنهم أبواق السلطة وأزلامها، وصمتوا عن التجريد وتخاذلوا في تعاطيهم مع ملف انتفاضة الحوض المنجمي و بلعوا ألسنتهم في الهيئة الإدارية التي خصصت لتزكية ترشح بن علي للانتخابات الرآسية.

إن مناضلي اليسار النقابي الذين تجندوا في مؤتمر المنستير لإنجاح بعض الأسماء وفرضهم في تشكيلة المكتب التنفيذي الوطني لن يواصلوا مؤازرة هؤلاء النقابيين في القيادة بنفس الدرجة من الحماس ما لم يراجعوا مواقفهم ويعربوا عن انحيازهم الفعلي لقضايا الشغالين وما لم يجاهروا بدفاعهم الصريح عن استقلالية المنظمة النقابية وديمقراطية العمل داخلها. ولهم في تجربة علي رمضان خير دليل على صحة ما نقول.

إن واقع التململ الذي تشهده الساحة النقابية هذه الأيام وصرخات الاحتجاج المتعالية من هنا وهنالك وآخرها الاستقالات الجماعية في كل من الاتحاد المحلي للشغل بالسخيرة والمكنين تقيم الدليل على أن حالة الغضب بين النقابيين قد بلغت درجة من الاحتقان الذي بات يهدد مستقبل المنظمة النقابية ووحدتها. سيما إذا علمنا بأن كل من الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بالسخيرة والمكنين هما من المقربين للمركزية النقابية بل أن الأخير يعتبر صديقا حميما لعلي بن رمضان وقد تولى الدفاع عنه و"استبسل" في أكثر من مناسبة في التهجم على محبري بعض المقالات من مناضلي اليسار الذين تطوعوا لفضح مخططات علي بن رمضان وتآمره على المنظمة النقابية.

في ضوء هذا الواقع الرديء وهذا النفور التام من الأداء المقرف للبيروقراطية النقابية هل يتحقق حلمها في الانقلاب على الفصل العاشر؟ وأي سبيل لتوسع دائرة الرفض وتعزيز التحالف مع كل الأصوات الغاضبة وتوظيفها في تعزيز مبدأ الممارسة الديمقراطية في العمل النقابي وتثبيت الفصل العاشر من النظام الداخلي كأهم مكسب أنجزه مؤتمر جربة.

نقابي من تونس


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire