06/11/2009

حول تقرير تفقد مدرسي المرحلةالاولى من التعليم الاساسي

حول تقرير تفقد مدرسي المرحلة الأولى من التعليم الأساسي

أصدرت هذه الأيام إدارة تفقد المرحلة الأولى من التعليم الأساسي التابعة للتفقدية العامة للتربية بوزارة التربية و التكوين تقريرا جديدا لتفقد مدرسي المرحلة الأولى من التعليم الأساسي سيقع اعتماده انطلاقا من غرة افريل 2009 .

وقد احدث هذا التقرير تململا داخل القطاع وذلك لعدة أسباب منها ما يتعلق بخطورة التوجه داخل وزارة التربية و التكوين و منها ما هو قانوني ومنها ما هو يتجاوز صلاحيات المدرسة.

و سأحاول إبداء بعض الملاحظات حوله انطلاقا من القانون المدرسي الصادر بالرائد الرسمي في جانفي 1964 و المعمول به إلى يومنا هذا علما و انه وقعت محاولة تنقيحه سنة 1986 لكن لم تقع المصادقة عليه وقتها باعتبار الظروف التي تمر بها البلاد و القانون الأساسي لرجال التعليم العاملين بقطاع التعليم الابتدائي الصادر في 5 ديسمبر 2003 و ذلك لإبراز خطورته على أبناء الشعب من تلاميذ و معلمين .و الوقوف عند بعض التضاربات في توجهات وزارة التربية و التكوين .

1)التوجه العام لوزارة التربية و التكوين

لقد تضمن التقرير ركنا خاصا بنوعية المدرسة المنقسم إلى أربعة أنواع (عمومية – ذات أولوية تربوية –دامجة – خاصة ) فمنذ البداية يمكن القول ما دخل هذا في تقييم أداء المعلم الذي لا يتحمل أي مسؤولية لا من قريب أو من بعيد في تحديد أنواع المدارس.

لكن حسب اعتقادي إن هذا الركن من أخطرهم لو نظرنا إليه من زاوية توجهات الوزارة الساعية إلى التخلي عن القطاع العمومي و هذا ليس خيارا لها بل التزاما منها بتطبيق قرارات المؤسسات النقدية العالمية الهادفة إلى سلعة الخدمات الاجتماعية كالصحة و التعليم و النقل.......

لقد انطلقت الوزارة في تطبيق هذا التوجه منذ إحداث السنوات التحضيرية بمقابل داخل المدارس الابتدائية العمومية و ذلك لتمرير مفهوم جديد و هو أن المدرسة العمومية يمكن إن تقدم خدمات بمقابل على عكس السائد و الهدف منه إعداد الرأي العام للخوصصة ثم استمرت في نفس التوجه و قامت بإحداث مجالس مؤسسات داخل المدارس التربوية لتمكن أطراف غريبة عن المدرسة من التدخل في الشأن الداخلي لها (كالمنظمات ذات العلاقة .....) و لعل اخطر شيء قامت به وزارة التربية و التكوين خلال هذه السنة هو إمضاء اتفاقيات شراكة بين البنك الدولي للإنشاء و التعمير و المدارس ذات الأولوية التربوية التي تلزم البنك بتمويل المشاريع التربوية كما تلزم مدير المدرسة و رئيس الجمعية التنموية بتقديم تقارير كل ثلاثية للبنك حول سير المشروع من حيث تطور الانجاز و التصرف المالي و هذا ما سيمكن البنك الدولي من التدخل في الشأن التربوي و ها هي اليوم تعد ذهنية المعلمين للخوصصة بإدماج هذا الركن حتى يقتنع المعلمون بأنهم يمكن أن يعملوا بمدرسة خاصة تكون تحت إشراف وزارة التربية و التكوين و لو كان هذا الركن على حسن نية فلسائل أن يسال ما هي السلطة المعنوية أو المادية التي تملكها وزارة التربية و التكوين على المعلمين العاملين بمدارس خاصة ؟

2)الجانب القانوني

أ)المدرس و التلاميذ

يتضمن الركن الخاص بالمدرس الهيئة، العلاقات و الغيابات . ففي الهيئة لم أشاهد يوما معلما بهندام غير لائق كما ينص على ذلك الفصل 24 من القانون المدرسي و إن وجدت بعض الحالات فعلى الوزارة أن تعالج سبب الإهمال الذي يرجع إلى تدهور المقدرة الشرائية للمعلم و قد أثبتت الدراسات أن المعلم خسر ما يقارب عن 25% من مقدرته الشرائية بين 1983 و 2007 إلى جانب الارتفاع المستمر للأسعار.أما الغيابات فهي منظمة بالقانون المدرسي و قانون الوظيفة العمومية و ما ذنب المعلم الذي أصيب بمرض مزمن فعوضا أن تمكنه من العلاج المجاني أمام التضحيات التي قدمها من اجل الوطن فإنها تعاقبه على أشياء لا يتمناها لنفسه .

أما الركن الخاص بالتلاميذ فانه يتضمن مرسمون-حاضرون-المواظبة و الهيئة . فبالنسبة للحاضرين و المرسمين هذا من مهام المدير المسؤول الأول على تسجيل المتعلمين و متابعة انقطاعاتهم أما بالنسبة للمواظبة فلا دخل للمعلم في ذلك كل ما يجب عليه القيام به هو التنصيص على الغيابات بدفتر المناداة

و على مدير المدرسة أن يعلم الأولياء بتخلفات أطفالهم و أن يطالبهم بتقديم الأسباب التي استوجبتها و ذلك عملا بالفصل 23 من القانون المدرسي هذا من ناحية و من ناحية أخرى فما دخل المعلم في مرض التلاميذ أو تردي الأحوال الجوية أو انقطاع الطرقات أو عدم انتظام وسائل النقل أما هيئة التلاميذ فهل المعلم مسؤول عن فقر العائلات .

ب)التخطيط و الإعداد

يتضمن هذا الركن نقطتين غير قانونيتين وهو أن يرفق المعلم عمله بمذكرات وظيفية و الوسائل و هذا مخالف للقانون المدرسي في فصله 45 الذي ينص على إن المعلم مطالب بمسك دفتر للمناداة و الإعداد الشهرية طبق الأنموذج المقرر و دفترا لإعداد الدروس اليومية ضف إلى ذلك ما هي مسؤولية المعلم إذا قصرت وزارة التربية و التكوين في تجهيز المدارس بالوسائل اللازمة .

ج )المبادرات

تضمن ركن المبادرات ما يلي:* يسهم المدرس في التكوين * ينتج وثائق بيداغوجية /بحوثا / مشاريع*ينخرط في الحياة المدرسية *يوظف الأنشطة الثقافية خدمة للتعلم *يوظف ت-م –ا في الإنتاج .

لست ادري هل المعلم الذي يعمل بالمدرسة هو تابع لوزارة أخرى لكي ينخرط في الحياة المدرسية ؟ فهو منخرط بطبيعة عمله إلا إذا كان المقصود بهذا أشياء أخرى لا علم للمدرس بها.

أما توظيف الأنشطة الثقافية خدمة للتعلم فان الوزارة لم توفر المعدات اللازمة للقيام بالتنشيط الثقافي و لم تدرب المعلمين على ذلك إضافة إلى أن القانون الأساسي للمعلمين يمكن المعلمين العاملين أكثر من 20 سنة قسم الاختيار بين التنشيط الثقافي و العمل بالقسم أو مساعدة مدير المدرسة .

و بخصوص توظيف تكنولوجيا المعلومات في الإنتاج فما ذنب المعلم الذي لم يتلق تكوينا في هذا المجال أو الذى لا تسمح مقدرته الشرائية من شراء حاسوب فهل مسؤولية التفقير يتحملها المفقر ؟

3)ما يتجاوز صلاحيات المدرسة

أ)الوضعيات المقترحة

تضمن هذا الركن عدة نقاط لا يتحمل فيها المعلم أي مسؤولية منها:-تساعد على تحقيق الأهداف المرسومة - تتلاءم مع مستوى المتعلمين و اهتماماتهم – توفر فرصا للبحث / الاستنتاج/ الإبداع – تشجع التواصل بين المتعلمين –تتيح توظيف المكتسب في سياقات جديدة – تأخذ بعين الاعتبار انساق التعلم / الاحتياجات الخصوصية – تحترم التوقيت المخصص لكل نشاط .

فمنذ البداية يمكن القول ان هذا هو عين التحامل على المعلم الذي لا دخل له في اختيار المحتويات و برمجة الكتب المدرسية .كيف للمعلم أن يكون مسؤولا عن ذلك و وزارة التربية هي التي تعد الكتب المدرسية و رغم اقتناع المعلمين بوجود ثغرات في التفاوت بين البرامج و إثارتهم لها خلال اللقاءات البيداغوجية(مثل الفرق بين برنامج السنة الثالثة فرنسية و السنة الرابعة ) إلا إن ممثلي الوزارة لا يأخذونه بعين الاعتبار و يعتبرونه نشازا.أما بخصوص التوقيت فالمعلم يشتكي دائما من قلة الوقت المخصص لكل مادة و الوزارة لم تجد حلا لذلك إلى جانب أن المعلم مقيد بدليل التنظيمات البيداغوجية الذي ينص على حجم التدريس لكل مادة أسبوعيا.

ب ) الوساطة البيداغوجية

يتضمن هذا الركن ضرورة أن ينمي المدرس قدرة المتعلم على :توظيف المكتسبات السابقة ذات العلاقة بالهدف –تحليل الوضعيات – الإفصاح على التمشي الشخصي – مقابلة التمشي الشخصي مع بقية التمشيات – التقييم الذاتي / المتبادل-تعديل التمشي الشخصي – بناء الاستنتاج – توظيف المكتسب في سياقات جديدة –العمل التعاوني –

رغم إن كل منظري التربية يقرون بان مصادر الأخطاء يمكن أن تكون من طرف أقطاب المثلث ألتعلمي التعليمي أي *معلم / متعلم / و معرفة *أي أن مسؤولية الفشل يتحمل منها المعلم 1/3 أما بالنسبة للمتعلم فيمكن أن يكون الخطأ ناتج عن مجرد سهو * عدم اكتساب المفهوم المستهدف بما فيه الكفاية *ضعف دافعية التعلم *عدم القدرة على التواصل *ضعف في المدارك الذهنية أو في الوظائف*مرض مزمن* حالة اجتماعية متوترة ......

أما بالنسبة للمعرفة فيمكن أن تتجاوز المستوى الذهني للمتعلم *عدم التلاؤم مع ميولات المتعلم *عدم إدراك المتعلم لشرعية المعرفة أو لقيمتها و مردودها النفعي ......

إن الصعوبات التي تتعلق بالمتعلم أو بالمعرفة لا يمكن أن يتحملها المعلم بمفرده بحكم تداخلها و التي تمس كل الأطراف المتدخلة في العملية التربوية من وزارة التربية و التكوين و وزارة الصحة و وزارة الشؤون الاجتماعية و وزارة الشباب و الطفولة و المنظمات ذات العلاقة فمن العيب أن تحمل وزارة التربية

و التكوين كل هذه المسؤوليات إلى المعلم .

كما انه من الضروري الإشارة إلى أن من أسباب تدني مستوى المتعلمين هو الارتقاء الآلي الذي أقرته الوزارة داخل نفس الدرجة هذا من جهة و من جهة أخرى فان مهمة المعلم تنتهي عند التدريس و وزارة التربية هي التي تنظم عملية الارتقاء بمناشير تصدرها في الغرض التي من واجب المعلم تطبيقها.

4)تضارب في توجهات الوزارة :

1*الكتب المدرسية

تؤكد وزارة التربية و التكوين في كل مرة على أن الوضعيات التي يجب على المعلم تقديمها إلى المتعلم أن تكون دالة أي أنها مستمدة من محيطه و قريبة من واقعه و في نفس الوقت تعتمد الكتاب الموحد في كامل المدارس فهل أن الوضعيات المقدمة من طرف الوزارة لها نفس الدلالة للمتعلمين من الشمال إلى الجنوب ؟

2)اختلاف نسق التعلم:

تعبر وزارة التربية و التكوين أن نسق التعلم يختلف من متعلم إلى متعلم و من قسم إلى قسم و من مدرسة إلى أخرى هذا من جهة و من جهة أخرى فهي تعتمد نفس دفتر المراسلة لكل المتعلمين الذي يتضمن نفس الكفاية المستهدفة للمتعلم في نهاية كل ثلاثية .فهل راعت الوزارة اختلاف نسق التعلم ؟

إضافة إلى ذلك هل أخذت الوزارة بعين الاعتبار النقص في إطار التدريس الذي يتواصل في بعض الأحيان إلى شهر ديسمبر؟

فهل من المعقول أن تطالب الوزارة المعلم بمراعاة اختلاف نسق التعلم و هي أول من لا يحترمه؟

3)التقييم:

ا-المعايير:

من المبادئ التي تقوم عليها الكفايات الأساسية هو أن المتعلم لا يحاسب على الخطأ مرتين و من هذا المبدأ سأحاول تطبيقه على التواصل الشفوي أو الإنتاج الكتابي .

تتمثل معايير الإنتاج الكتابي في: مع 1 – الملائمة مع2-سلامة بناء النص مع3- التصرف في نمط الكتابة

مع 4 – حسن العرض مع 5- ثراء اللغة و الطرافة

إذا اعتبرنا أن متعلم ما اخفق في الملائمة أي أنتج نصا خارج الموضوع و نجح في بقية المعايير بإمكانه الحصول على الأقل على 14 من 20 و هو خارج الموضوع . فهل يعقل هذا ؟

كما أن المتأمل في نوعية التمارين المقدمة في الاختبارات حتى الجهوية منها يلاحظ تناقضا واضحا و ذلك فيما يتعلق بخضوع الاختبار إلى قاعدة الثلثين ..

ب)التقييم التكويني:

يقوم المعلم في نهاية كل وحدة بتقييم مستوى المتعلمين و ذلك للتعرف على مدى تملكهم للمعارف و الوقوف على الصعوبات لتجاوزها من اجل بناء التعلمات اللاحقة لكن على مستوى التطبيق تطرح إشكالية كبيرة و هي هل بإمكان المعلم إصلاح كل الوثائق اليوم و القيام بالعلاج و الدعم من الغد ؟ علما و أن بعض الفصول يتجاوز عدد المتعلمين فيها 40 متعلما .مع العلم أن الوزارة أصدرت مذكرة في الغرض تؤكد على أن لا يتجاوز عددهم في الفصل الواحد 25 متعلما.

و لتدارك هذه الصعوبة يقترح بعض السادة المتفقدين انه بإمكان المعلم القيام بالتقييم ثم ينطلق في تدريس الوحدة الموالية في انتظار الإصلاح ليعود بعد ثلاثة أيام للقيام بالعلاج و الدعم .فكيف للمتعلم ان يتمكن من كسب معارف جديدة دون تملك المعارف السابقة على أحسن وجه؟ مع العلم أن الوزارة مقتنعة بان التعلم يشبه البناء .فلا يمكن تأسيس اللاحق بدون تملك السابق.

ومنهم من يقترح القيام بالتقييم لكل مجال على حدة في فترات متباعدة زمنيا و هذا غير منطقي لان العمل بالوحدات يتطلب انطلاق كامل الوحدة و انتهائها في نفس اليوم .

و حسب رأيي أن المشكل الحقيقي أن وزارة التربية و التكوين أرادت أن تسحب طريقة العمل بالوحدات باللغة الفرنسية على اللغة العربية لكن وجدت صعوبات في ذلك لكثرة المواد مما احدث اضطرابا في طريقة العمل للمعلم و المتعلم على حد السواء.

أما العلاج و الدعم فان السادة المتفقدين يؤكدون على القيام بهما حسب مصادر الأخطاء.ففي مادة الرياضيات مثلا يقع الدعم و العلاج حسب المعايير و المتمثلة في : مع1- التأويل الملائم مع2 – صحة الحساب مع3- الاستعمال الصحيح لوحدات القيس مع4- استعمال خاصيات الأشكال الهندسية

مع5- الدقة . فكيف للمعلم أن يرتقي بمستوى المتعلم الذي لم يتملك المعيار الأول إلى مستوى المعيار الخامس علما و أن هذا العمل يتم في ظرف يومين لكل المواد.

4)تكافؤ الفرص:

كثيرا ما نسمع الوزارة ترفع هذا الشعار في أكثر من مناسبة لكن الواقع عكس ذلك. فبعض المتعلمين يدرسون في أقسام تعمل بنظام الفرق و بعضهم في أقسام بها 25 متعلما و بعضهم الآخر يتعلمون في أقسام يتجاوز عدد المتعلمين فيها 40 متعلما.

أما إطار التدريس ففي مدارس يكتمل إطار التدريس فيها منذ انطلاق السنة الدراسية و منها ما يطول الانتظار فيها إلى شهر ديسمبر و في أحسن الحالات يقع اعتماد النواب لسد الشغور لفترة ما .

كما لا يمكن أن نغفل على التجهيزات فمن المدارس ما تفتقر إلى ابسطها و حتى آلات الطباعة التي وجدت ببعضها فان ميزانية المدرسة لا تمكنها من صيانتها.

و لعل الأغرب من ذلك هو أن قاعات ما تزال أرضيتها بالاسمنت المسلح و تفتقر إلى الجليز و أخرى مهددة بالسقوط و منها ما لا تتوفر بها الاقيسة القانونية (6م / 8 م ).

و من خلال هذا العرض يتبين لنا أن وزارة التربية مدعوة إلى حل العديد من المشاكل التي تعيق العمل التربوي قبل التوجه إلى المعلم و تحمله أشياء لا دخل له فيها.

و في الأخير أود أن أشير إلى أن تقرير التفقد بصغته الحالية هو تحامل مفضوح على المعلمين و توجه خطير نحو خوصصة قطاع التعليم و اعتداء على حق أبناء الشعب في التعلم لذا من واجب قطاع التعليم الأساسي أن يكون يقضا و يناضل من اجل تحسين وضع المعلمين المادي و المهني و النضال أيضا من اجل تعليم وطني ديمقراطي و شعبي تتحمل كل الأطراف مسؤولياتها في النهوض بواقعه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire