21/01/2010

وجهة نظر رقم 11 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) :

وجهة نظر رقم 11 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) :

في الرد على التقييمات المتشنجة لمؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي- الرد على " وجهة نظر" رقم 8


تقديــــــم:

لم يعرف مؤتمر من المؤتمرات حملة إعلامية قبل انعقاده وبعده مثلما عرف مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي، فهل يعود الأمر للأهمية التي يكتسيها هذا القطاع في الاتحاد العام التونسي للشغل أم للفرز الذي أفضت إليه نتائجه أم هي حملة بسبب الصراع الحاد الذي يشق القطاع منذ عقود؟ أم أنها حملة عادية تمكنت وسائل النشر الالكترونية من تضخيمها وعمدت بعض الأطراف إلى النفخ فيها على ضوء تلك النتائج؟

ولئن حملت هذه الحملة في داخلها من المقالات الغث والسمين فإنها قد أعطت بعض النتائج العكسية نظرا لما طغى على أغلبها من تشنج وتحامل غير مسبوقين. لكن على الدارسين أن ينظروا في تأثير هذه الحملة على الأساتذة خاصة أن الكثير من الكتابات حملت بداخلها سموما خطيرة على العمل النقابي في قطاع التعليم الثانوي لا ندري حجم آثارها السلبية بعد ومنها على سبيل الذكر لا الحصر:

- الحملة قد تضمنت بصفة واعية أو غير واعية التأسيس لمناهضة العمل السياسي في قطاع التعليم الثانوي واستهدفت عزل الهياكل النقابية المنتمية إلى بعض التيارات السياسية لأنها صورت ممثلي الأساتذة من النقابيين على أنهم ممثلو انتماءاتهم السياسية وليسوا ممثلي المدرسين وبالتالي خلق هوة سحيقة بينهم وبين الأساتذة وهو بالتأكيد ما هدفت إليه السلطة منذ عقود من أجل ضرب العمل النقابي في قطاعات التعليم عامة وفي الثانوي على وجه الخصوص.

(انظر وجهة نظر رقم 4 التي جاءت في شكل تقرير فج وفق التصنيفات السياسية مثير للجدل)• كما تضمنت الحملة أسلوبا رديئا قائما على التشويهات والمغالطات سيزرع بالتأكيد الشك في المسؤولين النقابيين وسيصورهم لدى المدرسين على أنهم عبيد لمصالحهم الشخصية خدم لجهات تحركهم ضد مصالح المدرسين (انظر مثلا "وجهة نظر رقم 6 التي تتساءل عن 128 ألف دينار أين تبخرت من مصاريف نقابة الثانوي) وهي أيضا خدمة مجانية للسلطة التي احترفت التشويه وهاهم أصحاب بعض هذه المقالات المتخفين وراء الأقنعة يتولون ما عجزت عنه السلطة.

- الحملة شوهت قطاع التعليم الثانوي الذي بقي من القطاعات الأكثر مناعة ضد الصراعات الهامشية والمشخصنة فشوهت ما كانت تقوم عليه الصراعات من اختلاف في البرامج والمضامين والأهداف والتصورات والأساليب العملية إلى صراعات قائمة على المواقع والمصالح الخاصة والضغائن الشخصية، وهو أمر يكاد لم يحدث إلا نادرا (مؤتمر 2001 مثلا الذي قام على تشويه بعض العناصر بتهم تناساها أصحابها في المؤتمر الحالي وقدموا صك التوبة بديلا عنها(

لنعد إلى وجهة النظر الثامنة التي اخترناها عينة لما حاول صاحبها المتخفي تحت إمضاء نقابي من التعليم الثانوي إظهاره من مسوح الموضوعية وهالات التنسيب في الأحكام من خلال الأسلوب الإشكالي الذي اعتمده عبر طرح الأسئلة.

لقد صرح صاحب المقال – المجهول لدى الرأي العام المعلوم لدينا – بـ"أن تقييما شاملا للمؤتمر ونتائجه تتطلب دراسة متأنية وعميقة في عدة محاور" لكنه سريعا ما يرتد عن مسحة الموضوعية التي تلحف بها ليقدم "قراءة أولية " لنتائج المؤتمر وليركز على أهم نقطة فيها وأكثرها تعقيدا " هي الدور الذي لعبته القيادة البيروقراطية في المؤتمر" .

لما كان صاحب المقال غير قادر على الثبات على منهج محدد فقد استدرك، معترفا بحقيقة موضوعية، بأن هناك :

" رؤيتان مختلفتان جوهريا – بل ومتناقضتان – داخل الرأي العام النقابي وخاصة القطاعي منه، ترى الأولى أنّ البيروقراطية – كتيّار داخل الحركة النقابية والمكتب التنفيذي – كتعبيرة مكثّفة لخياراتها تدخّلت بقوّة لتؤثّر في مصير المؤتمر في حين تعتبر الرؤية الثانية أن المؤتمر تمّ إنجازه باستقلالية تامّة عن إرادة المكتب التنفيذي " مقرا بموضوعية عجيبة بصعوبة الجزم بصحة هذا الرأي أو ذاك ولجأ إلى حيلة التساؤلات ليجعلها ستارا للمغالطة وقناعا للتشنج. وسنحاول تتبع أسئلته البادية بريئة حائرة تبحث عن الحقيقة دون سواها !!! ولكنها تكشف رؤية متلمسة لمنهج تفلسفي بدائي.

1- إن طرح السؤال الأول يكشف ضعف المنهج عند صاحبه إذ سوّى بين القطاعات والجهات وقطاع التعليم الثانوي وقام بعملية قياس ميكانيكي على غرار العجائز: مادام المكتب التنفيذي قد تدخل في مؤتمرات جميع القطاعات فلا يجب أن نصدق أنه لم يتدخل في مؤتمر الثانوي، تماما مثلما نقول مادام فرخ الدجاج أبيض فلا بد أن أمه الدجاجة بيضاء، ومادامت البيروقراطية قد تدخلت في جميع المؤتمرات فلا شك أنها تدخلت في جميع مؤتمرات الثانوي عبر الدورات السابقة.(يبدو أن صاحب المقال عارف بدور البيروقراطية في مؤتمرات الثانوي و إلا ما أجزم بوجود هذا الدور !!!) ويوغل في القياس متمثلا بحنين غريب وسعة إطلاع مؤتمر الفولاذ ببنزرت الذي ورد في سياق ملف الكاتب العام السابق للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت، كحجة على صحة القياس الأعرج.

2- ولما كان صاحب المقال يتخبط منهجيا فإنه فصل "منهجيا" بين السؤال الأول والثاني والحال أنهما مترابطان لا فاصل بينهما ليطرح السؤال الأول بطريقة أخرى دون أن يولّد فكرة جديدة من السؤال المطروح في معادلة رياضية تافهة وسطحية وهي : قطاع الثانوي كبير الحجم والوزن = لا يعقل ألا تتدخل فيه البيروقراطية.

3- يتساءل صاحب الأسئلة عن سبب تأخير المؤتمر ويرجعه إلى ترتيبات واستحقاقات لدى المركزية النقابية وعلى عدم جاهزية "التوليفة كما تراها البيروقراطية "ولم يقل صاحب المقال إن أغلب مؤتمرات القطاع وخاصة في الفترات السابقة عندما كان الولاء صريحا للبيروقراطية لم تنجز في آجالها بل فيها من امتدت ولايته المجيدة سنتين بالتمام والكمال !!! وليس بدعة أن تتأخر المؤتمرات عن مواعيدها لأسباب كثيرة ومنها الاستعدادات.

4- ثم مر صاحب المقال إلى المقصد فتساءل عن دواعي سحب التفرغات عن "الأخوين الطيب بوعايشة وفرج الشباح" معتبرا ذلك تمهيدا قبل سنتين من انعقاد المؤتمر للتخلص منهما.

فهل يشكل عضوي النقابة العامة ثقلا كبيرا حتى يتم استهدافهما قبل سنتين من المؤتمر؟ لماذا لم يتم التخلص مثلا من الأخ الطيب بوعايشة قبل ذلك عندما أصدر بدعة البيانين الذين خرج بهما عن إجماع القطاع وعن سلطات قراره؟ وكيف يفسر صاحب المقال القرار الشجاع الذي اتخذه الأخ الطيب بوعايشة بالالتحاق بعمله وصمت الكثيرين عن سحب التفرغات وقبولهم بالمساعي من أجل استعادتها خاصة للأخ فرج الشباح؟ وما تفسير صاحب المقال رفض أعضاء من النقابة للتفرغ على حساب زميليهما ؟ وفي النهاية هل التفرغات غاية المناضلين النقابيين التي يهرولون من أجلها أم هي استحقاق نقابي يجب النضال من وضع مقاييس له كما أوصى بذلك المؤتمر الأخير؟ هل النقابة العامة السابقة مستقلة عندما توفرت التفرغات ومرهونة للبيروقراطية عندما سحبت هذه التفرغات (علما أن عملية إسناد التفرغات وسحبها ظلت تمارس حسب الأهواء والأمزجة والولاءات) وهل أعضاء من النقابة العامة مستقلون عندما تتوالى التدخلات من أجل الانضمام إلى قائمتهم و تابعون للمركزية النقابية عندما يقررون تشكيل قائمتهم من دون أن تضم بعض الأسماء؟

5- في السؤال عن "مبررات إقصاء الأخ فرج الشباح" عن "القائمة الرسمية "ثلاث مغالطات أولها أن الأخ فرج الشباح على ما يبدو قد خير "المعارضة النقابية " منذ سُحِب منه التفرغ – وهو السبب الوحيد على ما نعلم لتباينه مع المكتب الذي انتمى إليه منذ 2005 – وقد حسب أن القطار قد انطلق بهذه المعارضة فلا بد أن يركبه قبل فوات الأوان وهو ما أظهره من انتصار لقائمة معينة في مؤتمر النقابة الجهوية وكذلك في مؤتمر الاتحاد الجهوي بتونس وفي العديد من المناسبات الأخرى التي تفانى فيها في إظهار حماسة كبيرة فاقت المعتاد لـ"أنصار المعارضة النقابية "( سميناها كذلك التزاما باسم أصحابها وحتى لا يقولون إننا نتجنى عليهم ) كما أشهر عداءه للعديد ممن كانوا وراء عودته للنقابة العامة في مارس 2005 وذلك عربون ولاء جديد (سيخيب ظنه لاحقا أثناء المؤتمر العادي للنقابة العامة للتعليم الثانوي).

وثاني المغالطات أن الأخ فرج الشباح لم يُرفض فقط من"القائمة الرسمية" بل ودون مفاجآت قد رُفِض أيضا من "قائمة المعارضة" ولكن هذه المرة بطريقة مذلة ومهينة إذ تم الأمر في اللحظات الأخيرة التي وقع فيها وضع هذه القائمة بل فضل أصحاب القائمة تركها منقوصة (8 مرشحين )على تذييلها باسم الكاتب العام الأسبق للنقابة العامة رغم ما في ذلك من مغامرة انتخابية تضر بسمعة القائمة وتهز صورتها أمام النواب..

وثالث المغالطات أن الأخ فرج الشباح قد سعى وبكل الطرق وإلى وقت قريب من انطلاق أشغال المؤتمر إلى العودة إلى قطار "القائمة الرسمية " فكيف يمكن الحديث عن "الإقصاء" في مثل هذه الأوضاع؟؟؟

6- السؤال السادس حسب رأينا مفرغ وعبارة عن حشو فلم نجد له ردا سوى أن نقول إن قائمة الوحدة النقابية المناضلة قد تشكلت بعد مشاورات طويلة وتعديلات طفيفة بسبب التردد الذي صبغ السلوك النقابي لبعض الأطراف وقد تمكنت بكل عناصرها من الفوز، وأن منطق الفيتو مستهجن نقابيا لكونه قائم على قانون الغاب الذي يفرض في أروقة الإمبريالية...

7- وبنفس الحيرة المفتعلة يتساءل صاحب المقال عمن يقف وراء ترشح الأخ الهذيلي مضمنا سؤاله إجابة على قدر من المغالطة بأن القوى المتنفذة في المكتب التنفيذي هي وراء هذا الترشح فأين الحجة على ذلك؟ أليس في الأمر قدح وتعريض غير مسبوق؟

8- تساءل صاحب المقال عن وجود "خلاف أو تصادم نوعي" بين المكتب التنفيذي والنقابة العامة طيلة المدة النيابية السابقة أو عدمه. فأغفل- وهو ما راسلتنا به النقابة العامة في السبورات النقابية المتعاقبة - ما دار في العديد من الهيئات الإدارية القطاعية من صراعات حدت ببعض أعضاء المكتب التنفيذي إلى الهروب باللوائح أو إلى افتعال خصام لإفساد الأشغال أو...وأغفل ما دار من صراعات مع المكتب التنفيذي حول المفاوضات، كما أغفل أن التصادم النوعي ليس بالضرورة " الاقتتال" في أروقة دار الاتحاد...

9- مثلما ذكرنا عن السؤالين الأول والثاني فإننا نرى السؤال التاسع امتدادا أو صياغة أخرى للسؤال السابع عندما يتحدث عن «الإحراج " أو التصادم النوعي " مع المكتب التنفيذي في الملفات الكبرى محاولا إعادة طرح أسئلة أجابت عليها قاعة المؤتمر في جميع مراحل المداولات والتصويت بما فيها التصويت على التقريرين الأدبي والمالي وعلى اللوائح وعلى القائمات..

وينتهي صاحبنا بعد ذلك إلى خلاصة ممجوجة مستهلكة كخواتم تلاميذ الإعدادي مفادها أنه عائد إلى تقييم أعمق جاعلا من أسئلته قادحا للإجابات متمنيا ألا يعيد التاريخ نفسه كتمني تلميذ نمطي للعودة مسرورا. ولكنه يدرك أن أي تقييممهما علا شأنه – يجب ألا ينحو منحى ذاتي وأن يأخذ ابعاده من الوقائع حتى لا تكون تأثيرات التشنجات الشخصية كبيرة في مجمل الأسئلة المطروحة والاستنتاجات المتوصل إليها.

وكنت أنتظر في التقييم وقوفا على المضامين وعلى البرنامج الذي وضعه المؤتمر وفي تحليل موازن القوى ودراسة التجاذبات والتطلع لانتظارات الأساتذة ومجمل النقابين، فإذا بي أكتشف تقييما للنقابة السابقة وتكديسا للمغالطات وزوبعة عن النتائج الانتخابية التي نعرف أنها محصلة طبيعية لكل مؤتمر. إن التقييم الحقيقي يجب أن يقف على مدى استجابة المؤتمر لتطلعات المدرسين لا من حيث الشخوص بل من حيث الأهداف والبرامج ولا من حيث الملابسات – وهي من دور المقررين الصحفيين ومتلقفي الأخبار المثيرة – بل من حيث الآفاق والمسارات التي حددها المؤتمر.

إن أي زعزعة للثقة في قطاع التعليم الثانوي وفي هياكله النقابية هي زعزعة للثقة في العمل النقابي في هذا القطاع وفي كل القطاعات المشابهة وإن الخسارة لن تكون للنقابة العامة المنتخبة بل أيضا "لخصومها".. رجاء لا تجعلونا نقول: بعدي يكون الطوفان..."

نقابي

رسالة الى الفضاء النقابي الديمقراطي "ضدّ التجريد"

(*) إعلام من منتدى " الديمقراطية النقابية و السياسية "

مع نهاية مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي سينشر منتدى " الديمقراطية النقابية و السياسية " كلّ البيانات و المقالات النقدية التي ترد عليه من مختلف الفرقاء تحت باب " وجهة نظر حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي " على شرط أن تتناول الشأن النقابي العام و لا تتضمّن مسّا بالحياة الخاصّة أو الشخصية للمعنيين أو ثلبا مجانيّا مع التنبيه المسبّق إلى أنّ ما سننشره لا يعكس بالضرورة وجهة نظرنا و لا يلزم إلاّ أصحابه.

المنسق العام

المصدر : إعادة نشر منتدى" الديمقراطية النقابية و السياسية "

الرابط : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire