26/01/2010

ملاحظات حول مشروع تطوير العمل النقابي

ملاحظات حول مشروع تطوير العمل النقابي

ما من حديث بين النقابيين عند التطرّق لآداء الإتّحاد إلاّ عن جملة من الضرورات كالدعوة إلى تطوير المنظمة و تكريس الممارسة الدّيمقراطيّة في مؤسّساتها و غالبا ما يُطالب بالتفكير في ظوابط قانونيّة جديدة أي مراجعة للقانون الدّاخلي مثل "اقتراح و مناقشة مقترحات لتطوير العمل النقابي داخل الإتحاد العام التونسي للشغل و خاصّة ما يتعلّق بالجوانب القانونيّة المنظمة للنشاط في صلبه و نعني بذلك فصول النظام الدّاخلي و القانون الأساسي للإتحاد..." و مثل هذه الصياغة توحي أنّنا أمام خلل قانوني كامن في النظام الدّاخلي هو المتسبّب في أزمة العمل النقابي هذه الأزمة التي يعترف بها الجميع اليوم و دون استثناء...لكن تفحّص مجموعة الفصول قد تكشف لنا العكس تماما أي أنّ الأزمة تُفهم بعكس المعادلة تماما فهي نتاج عدم التزام بالقانون الدّاخلي و اختراق فصوله و مثال ذلك ما يرد في بابه الأوّل بعنوان "التعريف بالإتحاد" الفصل الأوّل المعلن"الإتّحاد العام التونسي للشغل منظمة نقابيّة وطنيّة ديمقراطيّة مستقلّة عن كلّ التنظيمات السياسيّة,تستمدّ شرعيّتها و قوّتها و قراراتها من القواعد العماليّة...." هذا الفصل يطرح الإتحاد بوصفه:
1}منظمة ديمقراطيّة:و من معاني الديمقراطيّة التداول على المسؤوليّة النقابيّة و هو ما جسّده الفصل 10 فكيف لنا أن نقبل اليوم أن يتواتر الحديث داخل أروقة الإتحاد عن برنامج انقلاب على هذا الفصل؟ بل يمكن القول أنّ الموازنات داخل الإتحاد العام قد بُرمجت لصالح مثل هذا المشروع حتّى أنّ المسألة أصبحت من تحصيل الحاصل..
.2}منظمة مستقلّة عن كلّ التنظيمات السياسيّة:فالإستقلاليّة في هذا السياق تعني الإلتزام بالنقابي أي الدّفاع عن مصالح العمال الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و المعنويّة ...فكيف نقيّم خيارات القيادة النقابيّة في مواجهة سياسة الحكومة حول الخوصصة و المناولة و مشاريع التفويت في القطاع العام و الّتي تمثّل واقعيّا خيارات حزب السلطة؟ كيف نفسّر قرار التزكية لمرشّح التجمّع الدستوري الدّيمقراطي في الإنتخابات الرّئاسيّة؟ كيف نقبل أن تتحوّل الإنتخابات داخل الإتّحاد في مختلف المحطّات,نقابات أساسيّة و نقابات جهويّة...إلى نوع من المحاصصة على أساس سياسي فهذا الطرف السياسي يريد موقعا و آخر يريد 3 و هكذا؟
و أخيرا 3}منظمة تستمدّ قراراتها من القواعد العمّاليّة:و هنا أطرح ألف سؤال حول رضى القواعد العماليّة في مختلف القطاعات على أداء الإتّحاد و تكفيني الإشارة إلى أسلوب المفاوظات الإجتماعيّة كلّ 3 سنوات و الّتي كلّ الجميع منها و رصد عقمها في تحسين المقدرة الشرائيّة للعمال ..و هو خيار لا يبدو أنّ قيادة الإتحاد طارحة مراجعته أصلا.
الإشكال لا أظنّه في النصّ القانوني بل في عقليّة و ممارسة نقابيّة في حاجة إلى مراجعة...عقليّة لا ديمقراطيّة و ممارسة فاقدة لإستقلالها. .. و نفس هذه العقليّة التي أصبحت اليوم هي سيّدة الموقف فعزّ النقد و أصبح أصحابه مستهدفون بالتجريح و التجريد و قامت العلاقات النقابيّة على الولاءات الشخصيّة و أصبحت المؤسسة موضوع شكّ على مستوى مردودها و قدرتها على حلّ مشاكل الشغيلة الّتي يفترض دفاعها عن مصالحهم...
لذلك فإنّ الدفاع عن الفصل 10 يعتبر بمثابة تصحيح لمسار المنظمة و الإلتزام به شكل ديمقراطيّ لإنتاج ارادة جديدة هدفها استرجاع مصداقية المنظمة و ردّ اعتبار لدورها التاريخي في الدّفاع عن قيم العدالة و الحريّة...
فهل لنا أن نأمل بمثل هذا التصحيح أم أنّ الأوان قد فات...
محمّد القرقوري

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire